الأحلام من وجهة نظر الإسلام

هوية الکتاب

تأليف اية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي

الطبعة الأولى/ 1421 ه_ 2001م

مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر

بيروت _ لبنان ص.ب: 6080 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@shiacenter.com

الطلیعة

بسم الله الرحمن الرحيم

وما جعلنا الرؤيا التي أريناك

إلا فتنة للناس

والشجرة الملعونة في القرآن

ونخوفهم فما يزيدهم

إلا طغياناً كبيرا

صدق الله العلي العظيم

سورة الإسراء: 60

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الأطيبين الأطهرين.

الأحلام التي يتعرض لها الإنسان إثناء نومه شغلت اهتمام أبناء البشر منذ آلاف السنين وربما أكثر. ولا تزال حتى عصرنا الحاضر مدار بحث واستقصاء في مختلف الأوساط العلمية وغيرها، لمعرفة أسبابها وتحليلها وسبر أغوارها.

فقد كان تصور الإنسان قديماً عن الأحلام على أنها تنبؤات بالمستقبل؛ أي أنهم نظروا إليها كأنها إخبار عن الحوادث المقبلة، وبصورة أخرى هو الشريط الذي يصل كثيراً بين ما يواجهه العالم من مشاكل وبين هدفه النهائي.

وهناك من يعتقد بأن الحلم بهذا المعنى _ بمعنى نبؤة المستقبل _ يكون حديث خرافة ونوع من الغموض، لأنك لا تكاد تجد من الناس من لديه القدرة على معرفة أعماق نفسه في اليقظة، فكيف بالأحلام. فان تحليل الأحلام مسألة أشد تعقيداً وغموضاً من ذلك، فتكون معرفة الأحلام في هذا التحليل فوق قدرة الناس. وعند الرجوع إلى نظريات بعض العلماء المختصين بهذا المجال نجد أنهم عالجوا المسألة بتصورات أخرى. فان النظريات الحديثة ترى الأحلام على أنها فعالية لا شعورية، خارجة عن الحس والشعور، تبرز فيها الرغبات المكبوتة، والأفكار الكامنة، وكذلك الذكريات القديمة والبعيدة، وتأخذ سمة التشوش في حالة تشكلها حلماً.

في حين نجد أن تصور الإسلام في الأحلام أعمق وأشمل وأدق من كل ذلك، حيث يقول: إن هناك أكثر من نمط ونوع للأحلام فمنها: أن ما يحدث به الإنسان نفسه يراه في منامه، أو هي بشارة من الله عزوجل، أو هي تحزين من الشيطان أو ما أشبه ذلك، وقد

وردت آيات كريمة في القرآن، وروايات عديدة في باب الأحلام وأقسام الرؤيا. وعلى هذا الأساس ترى أن تصور الإسلام عن الأحلام دائرته أوسع في توضيح هذه الفعالية من تصور علماء العلم الحديث. وبهذا يكون الإسلام شامخاً _ في إبراز سعته وشموله لكل مفردات الحياة والعلم _ على مر الأجيال والعصور. وأثبت معجزته بأنه توصل قبل مئات السنين بما لم نحط به خبراً في الوقت الحاضر، ومنذ ذلك الوقت أعطى للأحلام المعالجة الحقيقية ذات سمة إلهية.

وبهذا الصدد _ عزيزي القارئ _ يشكل هذا الكراس الذي بين يديك مساهمة لرفد المكتبة الإسلامية، ولمن له حب وشغف للمعرفة حول هذا الموضوع _ الأحلام _ .

حيث أجاد به المرجع الديني الأعلى سماحة الإمام السيد محمد الشيرازي (دام ظله)؛ الذي كانت له وقفات متنوعة على شتى المواضيع الإسلامية، وقد ملأ كثيراً من الفراغ الفكري الموجود على ساحة اليوم وخاصة عند الشباب، مستلهماً ذلك من الكتاب الكريم والسنة المطهرة.

وقد تناول سماحته (دام ظله) في هذا الكراس موضوع الأحلام وكيفية حدوثها، وما ورد في القرآن الكريم الأحاديث عن المعصومين عليهم السلام من إشارات حول الرؤيا الصالحة وغير الصالحة، واختتم حديثه (دام ظله) بما تيسر له من الآيات والمأثور من الروايات في هذه الصدد.

ونحن إيماناً منا بأهمية أمثال هذه المباحث القيمة، قمنا بطباعة ونشر هذا الكراس وكذلك غيره من البحوث التي كانت بشكل محاضرات ألقاها سماحته (دام ظله) في أوقات وأماكن مختلفة وأمر بطباعتها بعد أن أضاف وحذف عنها ما ارتآه سماحته، لكي يتيسر للقراء الكرام التزود من فائدة المحتوى، راجين من الله عزوجل السداد والقبول وأن يوفقنا جميعاً للعمل الصالح إنه سمع مجيب.

مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر

بيروت _ لبنان/ ص.ب: 6080 شوران

البريد الإلكتروني:

almojtaba@shiacenter.com

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

قال تعالى:*وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ*(1).

الرؤيا أو الأحلام من الأمور التي اهتم بها الإنسان منذ القدم والى الآن، لما تتركه من طابع خاص على المرء، ولما تؤثر به أحياناً على مزاجه الشخصي، فإما أن يكون فرحاً أو مستاءً. ولكل مجتمع تعابير خاصة به، يفسّر بموجبها الأحلام، ويعطي لها صوراً في الواقع الخارجي.

وفي بعض المجتمعات تكون الأحلام أمراً مهما في حياتهم، ولعلها تمثل لهم جزءً من تراثهم، فيما لا ترى مجتمعات أخرى للأحلام هذه المكانة، ولا تقيم لها وزناً، كما هو الحال في المجتمعات الأوروبية، وربما تعتبر الأحلام واحدة من المشاكل الروحية للبعض، لا سيما بعض الشباب، فعندما يرى المرء رؤيا تحمل في طياتها الجمال والشرف والرفعة، أو يرى نفسه في المنام بأنه يشغل منصباً عالياً، يتصور أن هذا الأمر لابد أن يحدث في الواقع، فيحاول جاهداً أن يرسم حول نفسه هالة من التعظيم، فيبدأ _ أينما جلس _ يتحدث عن صورته الجميلة في عالم الرؤيا، وأن له شأناً عظيما.

ومن الناس من يدعي أشياء خارجة عن الدين، أو يرتب على الأحلام سلوكاً خاصاً ينفرد به عن السلوك العام، فهذه في الواقع قد تكون أزمات نفسية روحية يعيشها البعض، دون أن يشعر بأنها مشاكل روحية، بل لعله يتصورها كمالاً روحياً أعطي له هو خاصة من دون الناس، ويتصور بأنه من المحال أن تكون من الأحلام التي يتدخل بها الشيطان، ليحرفه عن المجتمع أو الدين والأخلاق.

هذا ومن الناحية الشرعية قد تكون الرؤيا صادقة وقد لا تكون، لكن وبشكل عام

الرؤيا لا تكون حجة شرعاً، ولا يترتب عليها أثر شرعي إلا في بعض الموارد الخاصة كرؤيا الأنبياء عليهم السلام، قال تعالى: *إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ*(2).

كيف تحدث الأحلام؟

في الكثير من القضايا والأحداث تكون هناك نظرتان:

1: نظرة مادية تفسر كل الظواهر على أساس المادة والتجربة والحس.

2: نظرة غير مادية، وهي نظرة ثانية تدخل الاتجاه الغيبي مع الظواهر كلها، باعتبار أن الكون بما فيه خاضع لإرادة الله عزوجل.

وفي مسألة الأحلام والرؤيا كذلك، فيقول صاحب الاتجاه المادي: إن الرؤيا تكون بسبب عوامل نفسية داخلية، وأخرى بدينة، فالنفسية مثلاً لو كان الشخص يفكر بأمر ما، ثم غلبه النوم فإنه سوف يرى ما كان يفكر به ذهنياً، أو أن خزانة اللاشعور المحتفظة بالصور الذهنية السابقة تقوم فتخرجها أثناء النوم فيراها الإنسان.

أما العوامل البدنية فهي مثل ما لو أكل الإنسان أنواعاً مختلفة من الطعام ثم أخلد إلى النوم، فإن ذلك سوف يظهر له عدة صور مختلفة، أو عندما يأكل حتى الشبع، أو يتناول أغذية أو مشروبات حارة جداً أو باردة جداً، إلى غير ذلك مما يؤثر على روح الإنسان وتفكيره، فيرى صوراً متعددة وأحلاماً مختلفة. ومن هنا ذهب هؤلاء الماديون إلى القول بكذب وتكذيب جميع الأحلام، وأنها لااعتبار لها في الواقع.

أما الاتجاه الثاني الذي يدخل العوامل الغيبية في نظرياته، فإنه لاينفي العوامل المادية تماماً، وإنما يضيف إليها أسباباً أخرى لحدوث الأحلام، منها _ على ما ذكروا _ الأخلاق والسجايا الإنسانية، فهي شديدة التأثير في نوع التخيّل، فالإنسان الذي يحب إنساناً أو عملاً ما حبّا كبيراً، فإن ذلك يشغل تفكيره عادة، بحيث انه لا

يزول ولاينفك عن مخيلته، ويراه حتى في منامه، وكذلك من الأسباب طهارة القلب، وصفاء النفس، ومنها نوع العلاقة مع الله عزوجل، ومنها: ما يكون كشفاً للحقائق، ماضية أو فعلية أو مستقبلية ويكون ذلك نتيجة جهاد النفس ومخالفة الهوى في درجاتها العالية، إلى غيرها من الأسباب.

الأحلام الصادقة والكاذبة

والذي يلزم قوله هنا: أن الأحلام ليست كلها كاذبة ولا اعتبار لها، بل منها ما هو صادق، وله الأثر الفعال والفائدة الكبيرة، ومنها ما هو كاذب لا واقع له، فإن كان له بعض التأثير فإنما هو عن طريق حالة الإيحاء التي تركب صاحبها عادة.

تفسير الأحلام

لما كانت الأحلام مختلفة وبعضها صادقة قد يترتب عليها بعض الآثار، مضافاً إلى أن لبعض الأحلام الصادقة تأثيراً كبيراً في المستقبل على مستوى الفرد أو الأمة، كما هو الحال في زمن النبي يوسف عليه السلام، إذ كان لحلم الملك أثر على مستوى الأمة، من هنا لا يمكن تركها دون تمييز ما هو صالح منها، وهذا هو فلسفة علم تفسير الأحلام علماً بأن هذا العلم يكون عادة من باب المقتضي لا العلة التامة، ومن المعلوم أنه ليس كلما كتب في هذا الشأن يتصف بطابع الصحة، نعم ما ثبت وروده عن أهل البيت عليهم السلام فهو صحيح لا شك فيه.

وقد ورد عن الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله في قوله تعالى: *لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا*(3) قال صلي الله عليه و اله: «الرؤيا الصالحة يبشر بها المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة»(4).

وقال صلي الله عليه و اله أيضاً: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات. قالوا: يا رسول الله، وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة»(5).

وعنه صلي الله عليه و اله أيضاً: «الرؤيا الصالحة بشرى من الله، وهي جزء من أجزاء النبوة»(6).

وقال صلي الله عليه و اله: «الرؤيا ثلاثة رؤيا بشرى من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا يحدث بها الإنسان نفسه فيراها في المنام»(7).

وهذه إشارة إلى فوائد الأحلام الصادقة، والرؤيا الصالحة، أما كيف نميز الصالح من الرؤيا عن غيره؟

قالوا:

إن العوالم ثلاثة: عالم الطبيعة، وهو عالمنا الذي نعيش فيه، والأشياء الموجودة فيه لها صور مادية عادة، وعالم المثال وهو فوق عالم الطبيعة وجوداً، فقالوا انه أشرف من عالمنا هذا، وفيه صور الأشياء بلا مادة، وهو مؤثر نسبة في حوادث عالم الطبيعة. والعالم الثالث هو عالم العقل، وهو فوق عالم المثال وجوداً، وفيه حقائق الأشياء من غير مادة ولا صورة.

والنفس الإنسانية عندما تتجرد عن البدن في النوم تتصل بأصلها، وهو عالم المثال وعالم العقل، فإذا نام الإنسان وتعطلت الحواس، انقطعت النفس عن الأمور الطبيعية المادّية، واتصلت بعالمها المسانخ لها، وشاهدت بعض ما فيه من الحقائق. وكل نفس تشاهد بمقدار مالها من استعداد وكمال وطهارة.

وقد قال إمامنا الباقر عليه السلام: «ما من أحد ينام إلا عرجت نفسه إلى السماء، وبقيت روحه في بدنه، وصار بينهما سبب كشعاع الشمس، فإن أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح والنفس، وإن أذن الله في رد الروح أجابت النفس والروح، وهو قوله سبحانه: *اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا*(8) فمهما رأت في ملكوت السماوات فهو مما له تأويل، وما رأت بين السماء والأرض فهو ما يخيله الشيطان ولا تأويل له»(9).

وكلما كانت النفس عالية وطاهرة وشريفة ومخلصة لله عزوجل، فإنها تصل إلى الملكوت، وبقوة كمالها تشاهد حقائق الأشياء، وتشاهد بعض الحوادث المستقبلية أيضاً، وكلما كانت النفس ضعيفة وعلاقتها مع الله عزوجل سطحية وخالية من الكمالات، فإن غالب رؤاها تكون ما بين السماء والأرض، أي إنها لا تشاهد حقائق الأشياء عادة، بل ترى ما يصوّره الشيطان لها، وهي الرؤيا الكاذبة.

ولكن لا يستطيع الشيطان أن يتلبس بكل الموجودات، ويبطل كل الرؤى، فإذا كانت الموجودات تحمل كمالاتٍ شديدة، فإن الشيطان لا يستطيع أن يتلبس بها

عادة، ويقلب صورتها الحقيقية، كما هو الحال في شخص النبي صلي الله عليه و اله أمين الوحي جبرائيل والأئمة الطاهرين عليهم السلام، فإنه لا يستطيع أن يأتي بهيئتهم أبداً.

من رآني فقد رآني

فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: من رآني في منامه فقد رآني لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ولا في صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة»(10).

القرآن والرؤيا

لقد تعرض القرآن إلى الأحلام، وأشار إلى أن الرؤيا في المنام إحدى طرق وصول الرسالة إلى الأنبياء عليهم السلام، واستعرض أيضاً عدة قصص حول الرؤيا، كما في قصة إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: *فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيم * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤيا*(11) إذ كانت رؤيا إبراهيم عليه السلام صادقة، كما هو الحال في جميع رؤى الأنبياء عليهم السلام، فهذه من الأحلام الصادقة التي حكاها الله عزوجل في القرآن.

وكذلك ما حكاه من رؤيا النبي يوسف عليه السلام حيث قال تعالى: *إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ*(12).

ومنها رؤيا صاحبي السجن اللذين كانا مع يوسف عليه السلام في السجن.

ومنها ورؤيا الملك أيضاً.

وكذلك الحال بالنسبة لنبينا محمد صلي الله عليه و اله في عدة مواضع، منها قوله تعالى: *إِذْ يُرِيكَهُمْ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ*(13).

ومنها قوله تعالى: *لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ*(14).

ومنها الآية الكريمة التي هي موضوع بحثنا: *وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ*(15)، فعن الإمام الصادق عليه السلام

قال حول نزول هذه الآية وقصتها: «رأى رسول الله صلي الله عليه و اله بني أمية يصعدون على منبره من بعده، ويضلون الناس عن الصراط القهقرى، فأصبح كئيباً حزينا، قال: فهبط عليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا رسول الله، مالي أراك كئيباً حزيناً؟

قال: يا جبرئيل، إني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي ويضلون الناس عن الصراط القهقرى.

فقال: والذي بعثك بالحق نبياً، إن هذا شيء ما اطلعت عليه، فعرج إلى السماء، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها، قال: *أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ*(16)، وأنزل عليه: *إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ*(17) جعل الله عزوجل ليلة القدر لنبيه صلي الله عليه و اله خيراً من ألف شهر ملك بني إمية»(18).

وفي روايات أخرى أنه صلي الله عليه و اله رأى قروداً تنزو على منبره(19)، والقرود عبارة عن الشخصية الحقيقية بصورتها الواقعية في العالم الآخر، فكل إنسان له صورة في العالم الأخروي هي عبارة عن مجموعة أعماله وسلوكه ورغباته، فإما أن تكون بصورة الملوك الأجّلاء، وإمّا بصورة القرود أو الكلاب أو ما شابه ذلك نعوذ بالله تعالى، فمن خلال رؤيا رسول الله صلي الله عليه و اله هذه، وغيرها، ومن تفسيره صلي الله عليه و اله القرود ببني أمية، نعرف بوجود رؤيا صادقة، ونستدل على صحة تعبير الرؤيا بشروطه.

نعم يبقى هناك، أنواع التفسير للرؤيا، وأنواع الرؤيا، ووقتها، وتفاصيل أخرى مذكورة في الكتب الخاصة بهذا العلم.

لا حجية للرؤيا

ثم انه لا يخفى أن الرؤيا لا تكون حجة شرعاً فلا

يترتب عليها أمر شرعي إلا بعض الرؤى كما في الأنبياء عليهم السلام فإذا رأى أحدنا رؤيا مهمة وعظيمة، وكان لها مساس بالشريعة الإسلامية، فهل هذه الرؤيا حجة علينا أم لا؟ أي: هل يجب أن نلتزم بما دلت عليه أم لا يكون كذلك؟

ولتوضيح السؤال أكثر نضرب مثالاً في الأحكام، وآخر في الموضوعات، أما في الموضوعات فلو رأى شخص في المنام مثلاً: أن فلاناً قتل فلاناً، أو زنى بفلانة، أو سرق شيئاً، أو ارتكب معصية، فهل يحق له أن يشهد ضده أو يخبر أهل المرأة بأن ابنتكم زانية، أو يذهب إلى صاحب المحل المسروق، ويقول له إن فلاناً سرق منك، لأنه شاهده في المنام، وهو يسرق أو يزني..؟ هل يحق لنا ذلك أم لا؟

وأمّا في الأحكام، فلو رأى أحد في المنام أن العمل الكذائي المستحب مكروه وليس بمستحب، فهل يتركه ولا يأتي به من اليوم فصاعداً نظراً لكراهته؟ أم يبقى الحكم على استحبابه ولا حجية للرؤيا؟

والإجابة في كلا الموردين هي النفي؛ إذ لا حجية للرؤيا، ولا دليل قائم على حجيتها أبداً. فليس من الصحيح أن نرتّب أثراً خارجياً، وسلوكاً خاصاً على أثر رؤيا شاهدناها في المنام، أو نحكم ببطلان عمل فلان، أو عدم نزاهته وغير ذلك لمجرد الأحلام، بل يجب أن نلتفت إلى عدم الحجية، ولا نقع ضحيتها نحن وغيرنا، كما ويجب أن لا تؤدي الأحلام إلى اضطراب علاقتنا الاجتماعية، أو النفسية، ولا تؤثر على سلوكنا الشخصي. نعم، هي قد تفيد من ناحية إزدياد الإيمان، والتثبت في الدين، والحذر من النار، ومن كلّ الأسباب المؤدية إليها، والتنافس لعمل الخير، وربما تدل على عظمة الشخص، وزيادة إيمانه، كما لو كان دائماً يرى الرسول الأعظم صلي

الله عليه و اله وأئمة الهدى عليهم السلام.

ابن سيرين وتعبير الرؤيا

وكما أسلفنا فإن للإخلاص أثراً فعالاً في عالم الرؤيا وهكذا في معرفة تعبير الرؤيا، ذكروا في حياة ابن سيرين(20)، فقد جاء عنه انه كان شابّاً وسيماً، وكان يعمل عند أحد البزازين(21)، وذات يوم جاءت إليه امرأة حسناء فاشترت منه أقمشة، وطلبت منه أن يحملها معها إلى المنزل، وبعد أن دخل دارها، غلَّقت عليه الأبواب، وطلبت منه أن يفعل الحرام معها، ولمّا لم يجد ابن سيرين مفراً منها، طلب أن يذهب إلى الكنيف، وبعد دخوله لطخ بدنه بالنجاسة، ثم خرج إليها فاستاءت منه، وطردته من بيتها، فتخلّص من ارتكاب الذنب، وجاء إلى بيته وطهر ثيابه وبدنه، ثم عاد إلى دكانه، وفي الليل رأى رؤياه التي أعطي فيها علم تفسير الأحلام.

فيلزم أن تكون الرؤيا والأحلام من القضايا التي تزيد من إيمان المرء وإخلاصه لله عزوجل، لا أن نجعل من الأحلام أساطير وقصصاً خيالية كاذبة، تزيد رقماً إضافياً إلى حالة التخلف واللاوعي المتفشي في الأمة.

بل إن الرؤيا كما عبر عنها رسول الله صلي الله عليه و اله بشرى للمؤمنين وأحياناً إنذار لهم لا غير.

ومما يذكر أن امرأة رأت في المنام زوجها، وقد أدخلت هرة رأسها في بطنه، وأكلت ما كان في معدته من غذاء، فخافت هذه المرأة من هذه الرؤيا، وجاءت إلى ابن سيرين لمعرفة تفسيرها، فقال لها ابن سيرين: إن هذه الرؤيا ليست مخيفة أبداً، فقال: وإنما تعني أن أحد اللصوص قد دخل حانوت زوجك الليلة الماضية، وسرق منه مبلغاً من المال، فذهبت المرأة إلى الحانوت، فاتضح لها صحة ما قاله ابن سيرين.

وما حصل عليه ابن سيرين من العلم في تعبير الرؤيا، تدخلت به عوامل عديدة، منها ما

سبق من إخلاصه لله سبحانه، وخوفه منه، وابتعاده عن المحرمات، ومنها سعيه إلى معرفة عوامل علمية عديدة، تدخل في هذا المجال، كالطبيعيات والحساب وغيرها.

رؤيا الوالد وإصابته بالسكتة

وقد رأى والدنا(22) في منامه _ قبل أن يصاب بالسكتة وينجو منها _ أن إحدى منائر ضريح الإمام الحسين عليه السلام قد وقعت، وأن الناس جاءوا، وبعد جهد كبير أعادوا المنارة إلى محلّها، ثم أصيب والدنا بالسكتة، وعوفي منها، فقال المفسرون: إن وقوع المنارة هو دلالة على مرضه، وإن دعاء الناس هو الذي كان في الرؤيا عبارة عن مجيء الناس، وإعادة المنارة إلى محلها.

الدقة في تفسير الرؤيا

وفي كربلاء المقدسة كان هناك خطيب من الخطباء المعروفين، يمتاز بقدرته الفائقة على تفسير الأحلام، وذات مرة قيل له: إن شخصاً غير صالح _ لم يذكروا اسمه _ شاهد في عالم الرؤيا أنه أخرج بدن الإمام الحسين عليه السلام من قبره، ثم غسّله وكفّنه، وأعاده إلى قبره ثانية، وأن الشخص الذي كان قد شاهد هذه الرؤيا كان مسروراً جداً من رؤياه، ولكن الخطيب قال: إن سريرة هذا الشخص سيئة جداً، وإنه من أصحاب البدع والضلالة، حيث إنه ارتكب ثلاث معاصٍ:

الأولى: نبش القبر، وإخراج بدن الإمام عليه السلام.

الثانية: أنه قام بتغسيل بدن الإمام عليه السلام، في حين أن بدن الشهيد لا يغسّل.

الثالثة: أنه قام بتكفين بدن الإمام عليه السلام، في حين أن بدن الشهيد لايكفن. إذن هذا الشخص هو من أهل البدعة.

وكانت الحقيقة كذلك، حيث كان الرجل من أهل البدعة، وكان قد تجاسر على المرحوم السيد أبي الحسن الأصفهاني*(23) مرات عديدة.

فالأحلام تنقسم إلى أقسام مختلفة ولكل واحد منها تعبيره الخاص به وليست كالمطر آخره الوقوع على الأرض.

فلو فرضنا مثلاً مدينة من المدن، فلربما يكون مجموع ما يراه أهلها من الأحلام قد يصل إلى مليون رؤيا أو حلم، ولربما أكثر من ذلك.

ومن الممكن أن يرى الإنسان أكثر من حلم في

ليلة واحدة، وأن هذا العدد الكبير من الأحلام يشكّل عالماً واسعاً، وان منها ما يدل على الماضي، ومنها ما يدل على الحاضر ومنها ما يدل المستقبل.

***

وفي الختام نسأل الله عزوجل أن يوفقنا لمراضيه ويجنبنا معاصيه انه سميع مجيب.

سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سبحان الله آناء الليل وأطراف النهار، سبحان الله بالغدو والآصال، سبحان الله بالعشيّ والإبكار، سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السماوات والأرض، وعشياً وحين تظهرون(24).

قم المقدسة

محمد الشيرازي

من هَدي القرآن الحكيم

القرآن والرؤيا

قال تعالى: *إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ* قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ* (25).

وقال سبحانه: *وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ*(26).

وقال عزوجل: *قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ*(27).

من أنباء الغيب

قال تعالى: *وَإِذْ يَعِدُكُمْ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ*(28).

وقال سبحانه: *عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ*(29).

وقال عزوجل: *الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا*(30).

الإيمان الحقيقي كاشف عن المغيبات

قال تعالى: *فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ*(31).

وقال سبحانه: *الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ... أُوْلَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ*(32).

وقال عزوجل: *أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ*(33).

تعبير الرؤيا

قال تعالى: *وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ*(34).

قال سبحانه: *وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً

وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ ... يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ*(35).

وقال عزوجل: *وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ... قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ*(36).

من هدي السنة المطهرة

الرؤيا ومنشأها

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان»(37).

عن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «الرؤيا ثلاثة، بشرى من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا يحدث بها الإنسان نفسه فيراها في النوم»(38).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «الرؤيا الصالحة إحدى البشارتين»(39).

وعن الإمام أبي محمّد العسكري عليه السلام قال: «من أكثر المنام رأى الأحلام»(40).

الرؤيا الصادقة والكاذبة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «خياركم أولو النهى، قيل: يا رسول الله، ومن أولو النهى؟ فقال: أولو النهى أولو الأحلام الصادقة والأخلاق الطاهرة المطعمون الطعام المفشون السلام المتهجدون بالليل والناس نيام»(41).

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «يا علي، ما من عبد ينام إلا عرج بروحه إلى رب العالمين، فما رأى عند رب العالمين فهو حق، ثم إذا أمر الله العزيز الجبار برد روحه إلى جسده، فصارت الروح بين السماء والأرض، فما رأته فهو أضغاث أحلام»(42).

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «في قول الله عزوجل: * لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا*(43) قال هي الرؤيا الحسنة يرى المؤمن فيبشر بها في دنياه»(44).

عن أبي بصير قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك الرؤيا الصادقة والكاذبة مخرجهما من موضع واحد؟ قال عليه السلام: صدقت أما الكاذبة المختلفة فإن الرجل يراها في أول ليله في سلطان المردة الفسقة، وإنما هي شيء يخيل إلى الرجل وهي كاذبة مخالفة لا خير فيها، وأما الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة وذلك قبل السحر فهي صادقة لا تخلف إن شاء الله ... الحديث»(45).

تعبير الرؤيا

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من رأى أنه في الحرم وكان خائفاً امن»(46).

عن صفوان، عن داود عن أخيه عبد الله قال: بعثني إنسان إلى أبي عبد الله عليه السلام، زعم أنه يفزع في منامه من امرأة تأتيه، فيصيح حتى سمع الجيران، فقال أبو عبد الله عليه السلام: «اذهب فقل له إنك لاتؤدي الزكاة، فقال: بلى والله إني لأؤديها قال: فقل له: إن كنت تؤديها فانك لا تؤتيها إلى أهلها»(47).

وروي أن أبا عمارة، المعروف بالطيّار، قال:

قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رأيت في النوم كأن معي قناة، قال: «كان فيها زجُّ»؟ قلت: لا، قال: «لو رأيت فيها زجاً لولد لك غلام، ولكن تولد جارية»، ثم مكث ساعة يتحدث، ثم قال: «كم في القناة من كعب»؟ قلت: اثنا عشر كعباً، قال: «تلد الجارية اثنتي عشر بنتاً»(48).

عن إبراهيم الكرخي قال: قلت للصادق عليه السلام: إن رجلاً رأى ربه عزوجل في منامه، فما يكون ذلك؟ فقال: «ذلك رجل لا دين له، إن الله تبارك وتعالى لا يُرى في اليقظة، ولا في المنام، ولا في الدنيا، ولا في الآخرة»(49).

الرؤيا على ما تعبر

عن أبي الحسن عليه السلام قال: «ربما رأيت الرؤيا فأعبرها، والرؤيا على ما تعبر»(50).

لمن تقص الرؤيا؟

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: الرؤيا لا تقص إلا على مؤمن خلا من الحسد والبغي»(51).

سوء الأحلام

وعن أبي عبد الله عليه السلام أيضاً قال: «كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: اللهم إني أعوذ بك من الاحتلام ومن سوء الأحلام وأن يلعب بي الشيطان في اليقظة والمنام»(52).

إذا عُبرت وقعت

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبّر فإذا عبرت دفعت»(53).

صدق رؤياه صلي الله عليه و اله

فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «كان صلي الله عليه و اله كثير الرؤيا ولا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح»(54).

رفع الرؤيا

وقال صلي الله عليه و اله: «لا يحزن أحدكم إن ترفع عنه الرؤيا، فإنه إذا رسخ في العلم رفعت عنه الرؤيا»(55).

رؤيا الإمام عليه السلام

عن الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: «رأيت أبي عليه السلام في المنام فقال: يا بني إذا كنت في شدة فأكثر أن تقول يا رؤوف يا رحيم والذي تراه في المنام كما تراه في اليقظة»(56).

الرؤيا الصالحة

عن عبادة بن الصامت قال: «سألت رسول الله صلي الله عليه و اله عن قوله تعالى: *ولهم البشرى في الحياة الدنيا*(57)؟ قال صلي الله عليه و اله: «هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له»(58).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «الرؤيا الصالحة إحدى البشارتين»(59).

ما يكره من الرؤيا

عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «شكت فاطمة رحمة الله عليها إلى رسول الله صلي الله عليه و اله ما تلقاه في المنام، فقال صلي الله عليه و اله لها: إذا رأيت شيئاً من ذلك فقولي: أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون، وأنبياء الله المرسلون، وعباد الله الصالحون، من شر رؤياي التي رأيت أن تضرني في ديني ودنياي، واتفلي على يسارك ثلاثاً»(60).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا رأى الرجل في منامه ما يكره فليتحول عن شقه الذي كان عليه نائماً، وليقل: *إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ ءامَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ*(61)، ثم ليقول: أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياء الله المرسلون وعباد الله الصالحون من شر ما رأيت ومن شر الشيطان الرجيم»(62).

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «الرؤيا الصالحة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث بها إلا من يحب وإذا رأى رؤيا مكروها فليتفل عن يساره»(63).

الروح والرؤيا

عن محمد بن القاسم النوفلي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يرى الرؤيا فيكون كما يراه، وربما يرى الرؤيا فلا يكون شيئاً؟

فقال عليه السلام: «إن المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة وربما صعدت إلى السماء، فكل ما رأته روح المؤمن في موضع التقدير والتدبير فهو الحق، وكل ما رأته في الأرض فهو أضغاث أحلام» فقلت له: جعلت فداك ويصعد روحه إلى السماء؟

فقال عليه السلام: ¬«نعم»، فقلت له: جعلت فداك حتى لا يبقى منها شيء في بدن المؤمن؟

قال عليه السلام: «لا لو خرجت كلها حتى لا يبقى منها شيء في بدن المؤمن لمات».

قلت: وكيف تخرج؟

قال عليه السلام: «أما ترى

الشمس في السماء في موضعها وشعاعها في الأرض، فكذلك الروح أصلها في البدن وحركتها ممدودة»(64).

رؤيا أم سلمة رحمة الله عليها

عن أم سلمة قالت: «رأيت رسول الله صلي الله عليه و اله في المنام وعلى رأسه التراب، فقلت: مالك يا رسول الله؟ فقال: شهدت قتل الحسين عليه السلام آنفاً»(65).

وعن ابن عباس قال: «بينا أنا راقد في منزلي إذ سمعت صراخاً عظيماً عالياً من بيت أم سلمة وهي تقول: يا بنات عبد المطلب أسعدنني وإبكين معي فقد قتل سيدكن.

فقيل: ومن أين علمت ذلك؟

قالت: رأيت رسول الله صلي الله عليه و اله الساعة في المنام شعثاً مذعوراً، فسألته عن ذلك؟

فقال صلي الله عليه و اله: «قتل الحسين وأهل بيته فدفنتهم».

قالت: فنظرت فإذا بتربة الحسين التي أتى بها جبرائيل من كربلاء وقال صلي الله عليه و اله: «إذا صارت دماً فقد قتل إبنك..» الحديث(66).

رجوع إلى القائمة

الهوامش

(1) سورة الإسراء: 60.

(2) سورة الصافات: 102.

(3) سورة يونس: 64.

(4) بحار الأنوار: ج58 ص191 ب44 ح61.

(5) بحار الأنوار: ج58 ص177 ب44 ح39.

(6) بحار الأنوار: ج58 ص192 ب44 ح66.

(7) غوالي اللئالي: ج1 ص79 الفصل الرابع.

(8) سورة الزمر: 42.

(9) بحار الأنوار: ج58 ص27 ب42.

(10) جامع الأخبار: ص172 الفصل 36ح166.

(11) سورة الصافات: 102 _ 105.

(12) سورة يوسف: 40.

(13) سورة الأنفال: 43.

(14) سورة الفتح: 27.

(15) سورة الإسراء: 60.

(16) سورة الشعراء: 205 – 207.

(17) سورة القدر: 1 _ 3.

(18) الكافي: ج4 ص159 ح10.

(19) العمدة: ص453 ح943 فصل في ذكر شيء من الأحداث بعد رسول الله عليه السلام...

(20) هو أبو بكر محمد بن سيرين الأنصاري، استكتبه أنس بن مالك بفارس، مشهور بتفسير الرؤيا، روى عن مالك وأبي الحنفية وابن الزبير نسب إليه كتاب منتخب الكلام في تفسير الأحلام توفي سنة (110ه_/ 729م) المنجد/س.

(21) بائع الأقمشة.

(22) هو آية الله العظمى السيد الميرزا مهدي الشيرازي (1304 _ 1380ه_) كان مرجعاً

مجتهداً عظيماً من أجلاء علماء الطائفة الحقة، عالماً، عابداً، تقياً، ورعاً، متواضعاً، كثير الحفظ، جيد الخط، حسن الأخلاق والسجايا وهو رحمة الله عليه من خيرة تلاميذ الشيخ محمد تقي الشيرازي رحمة الله عليه (قائد ثورة العشرين في العراق) توفي رحمة الله عليه في كربلاء المقدسة التي هي مولده ومدفنه رحمة الله عليه في 28 شعبان 1380ه_.

(23) هو السيد أبو الحسن بن السيد محمد بن السيد عبد الحميد الموسوي الأصفهاني ولد سنة (1284ه_) في بعض قرى أصفهان هاجر إلى النجف الأشرف ثم إلى كربلاء المقدسة وأقام بها مدة وفي سنة (1337ه_) وبعد وفاة السيد محمد كاظم اليزدي رشح للزعامة الدينية، حضر الأصول على الميرزا حبيب الرشتي، وحضر الفقه والأصول على الشيخ الآخوند الخراساني صاحب الكفاية، وكان رحمة الله عليه من دعاة المشروطة، توفي رحمة الله عليه في الكاظمية سنة (1365ه_) ودفن في الحرم الغروي.

(24) مصباح الكفعمي: ص87 دعاء العشرات، مفاتيح الجنان، من دعاء العشرات.

(25) سورة يوسف: 4 _ 5.

(26) سورة يوسف: 43.

(27) سورة الصافات: 102.

(28) سورة الأنفال: 7.

(29) سورة الجن: 26_ 27.

(30) سورة يونس: 63_ 64.

(31) سورة البقرة: 26.

(32) سورة البقرة: 3 و5.

(33) سورة المجادلة: 22.

(34) سورة يوسف: 21.

(35) سورة يوسف: 36 و41.

(36) سورة يوسف: 43 و47 - 49.

(37) عدة الداعي: ص278 فصل.

(38) غوالي اللئالي: ج1 ص79 ح166 الفصل الرابع.

(39) غرر الحكم ودرر الكلم: ص324 ح7549 الفصل الرابع في الرذائل وذمها.

(40) بحار الأنوار: ج58 ص190 ب44 ح56.

(41) مستدرك الوسائل: ج6 ص334 ب33 ح6940.

(42) أمالي الشيخ الصدوق: ص146 المجلس29 ح17.

(43) سورة يونس: 64.

(44) الكافي: ج8 ص90 ح60.

(45) الكافي: ج8 ص91 ح62.

(46) قرب الأسناد: ص40.

(47) ثواب الأعمال: ص235 عقاب مانع الزكاة.

(48) الخرائج: ص639 فصل في اعلام الإمام

أبي عبد الله بن جعفر بن محمد الصادق.

(49) أمالي الصدوق: ص610 المجلس 89 ح5.

(50) الكافي: ج8 ص335 ب8 ح527.

(51) الكافي: ج8 ص336 ب8 ح530.

(52) الكافي: ج2 ص536 ح5.

(53) غوالي اللئالي: ج1 ص79 ح165.

(54) مكارم الأخلاق: ص292 فصل فيمن أراد الانتباه للصلاة.

(55) تحف العقول: ص50 ما روي عنه عليه السلام في قصار المعاني.

(56) مهج الدعوات: ص333 فصل.

(57) سورة يونس: 64.

(58) سعد السعود: ص197.

(59) غرر الحكم ودرر الكلم: ص324 ح7549.

(60) فلاح السائل: ص289 الفصل 30.

(61) سورة المجادلة: 10.

(62) فلاح السائل: ص289 الفصل 30.

(63) عدة الداعي: ص277.

(64) جامع الأخبار: ص172 الفصل 36.

(65) المناقب: ج4 ص55، فصل في آياته بعد وفاته.

(66) المناقب: ج4 ص55، فصل في آياته بعد وفاته.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.